إبراهيم نصر يكتب: الرفض المصرى للتهجير .. والتصدى للأطماع التوسعية

مع تصاعد الأوضاع في قطاع غزة، برزت قضية تهجير الفلسطينيين كأحد أبرز التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري. وقد اتخذت مصر موقفا حاسما ورافضا بشكل قاطع لأي محاولة لتهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء، أو إلى اى مكان آخر. وتعتبر القيادة المصرية أن تهجير الفلسطينيين من أرضهم هو "خط أحمر" يهدد الأمن القومي المصري، ويمثل تصفية للقضية الفلسطينية. وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في مناسبات عديدة أن مصر لن تسمح بحدوث ذلك تحت أي ظرف، وأن سيناء ستبقى جزءا لا يتجزأ من الأراضي المصرية.
ولا يقتصر الرفض المصري على البعد الإنساني فقط، بل يتعداه إلى أبعاد استراتيجية معقدة، فتهجير سكان غزة إلى سيناء من شأنه أن يخلق بؤرة توتر جديدة على الحدود، فقد يتحول وجود مئات الآلاف من الفلسطينيين في سيناء إلى بؤرة توتر أمني، مما يهدد الاستقرار في المنطقة.
ويؤكد الموقف المصري أن التهجير يشكل إنهاء فعليا لحلم إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، حيث ستبقى الأراضي الفلسطينية خالية من سكانها الأصليين، وإلى جانب المواقف العلنية الواضحة، كثفت مصر من جهودها الدبلوماسية مع الأطراف الدولية والإقليمية للتصدي لمخططات التهجير. وقد شملت هذه الجهود: التواصل المباشر مع القوى الكبرى، حيث أجرت مصر اتصالات مكثفة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإيضاح خطورة هذا المخطط.، كما عملت مصر على تنسيق المواقف مع الدول العربية لتوحيد الرؤية وتقديم جبهة موحدة ضد مخطط التهجير.
ولا يخفى على عاقل أن العلاقة بين مصر وإسرائيل من أكثر العلاقات تعقيدا في منطقة الشرق الأوسط، وتاريخها حافل بالصراعات والتوترات على مر السنين، وكانت أطماع إسرائيل التوسعية ومازالت مصدر قلق كبير لمصر، وقد اتخذت مصر مواقف حاسمة للدفاع عن مصالحها القومية وسيادتها تمثلت فى عدة حروب، وذلك منذ إعلان قيام دولة إسرائيل، فقد شاركت مصر في الحرب العربية الإسرائيلية الأولى (1948) بهدف منع التوسع الإسرائيلي. ورغم أن الحرب لم تحقق أهدافها بالكامل، إلا أنها كانت بداية لمواجهة طويلة الأمد.
وبعد تأميم قناة السويس، قامت إسرائيل بشن هجوم عسكري على مصر بالتنسيق مع بريطانيا وفرنسا. وكان هذا الهجوم يهدف إلى إسقاط نظام جمال عبد الناصر، ولكن الموقف المصري الصامد ودعم القوى الدولية أدى إلى فشل العدوان. ثم خاضت مصر حربا ضد أسرائيل سنة 1967 أدت إلى احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء، وهو ما يمثل ذروة التوسع الإسرائيلي. إلى ان جاءت حرب أكتوبر 1973، التى حققت فيها مصر نصرا عسكريا مذهلا، نتج عنه تحرير جزء من الأراضي المصرية التي احتلتها إسرائيل. وكانت هذه الحرب نقطة تحول حاسمة في الصراع، حيث أثبتت مصر قدرتها على الدفاع عن أراضيها.
وجاءت بعد ذلك معاهدة كامب ديفيد، حيث دخلت مصر في مفاوضات سلام مع إسرائيل، ووقعت معاهدة كامب ديفيد سنة 1979، التي نصت على انسحاب إسرائيل الكامل من سيناء، وعلى الرغم من هذه المعاهدة، لا تزال مصر تراقب بحذر أي تحركات إسرائيلية قد تهدد أمنها القومي، وتبدى استعدادا تاما لأى مواجهة، وخاصة أن الرئيس السيسى اهتم اهتماما بالغا منذ توليه رئاسة مصر بتزويد الجيش بأحدث الأسلحة البرية والجوية والبحرية وأنظمة الدفاع المتقدمة.
اللهم احفظ مصر ورئيسها، واجعلها فى أمانك وفى ضمانك، وكن لها نصيرا ومعينا وحافظا لشعبها وجيشها وشرطتها وكل مؤسساتها.