الدكتورة هبة عادل تكتب: الشرق الأوسط بين نار الصواريخ وحدود الخرائط

لم يعد المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط مجرد تبادل ضربات أو تصعيد عابر بين القوى المتصارعة. ما يجري الآن هو مشهد مُركّب تتقاطع فيه المصالح العسكرية مع خرائط سياسية تم رسمها منذ عقود في غرف مغلقة.
الضربات التي تعرضت لها القواعد الأمريكية في الخليج لا يمكن قراءتها فقط في سياق التصعيد بين إيران وواشنطن، بل يجب النظر إليها باعتبارها أدوات تنفيذ لمشروع جيوسياسي أكبر وأكثر عمقًا.
ما نراه هو إعادة تشغيل لخطة تقسيم الشرق الأوسط التي طُرحت منذ سنوات تحت مسميات مختلفة: “الشرق الأوسط الجديد”، “الفوضى الخلاقة”، و”إعادة هندسة المنطقة”.
لم يعد الأمر مجرد وثائق أو تحليلات مسربة، بل أصبح جزءًا من الواقع الميداني.
القواعد العسكرية أصبحت أهدافًا معلنة ليس فقط لضرب النفوذ الأمريكي، بل لإشعال الساحة وإعادة صياغة الاصطفافات الإقليمية.
هذه ليست حرب قواعد، بل معركة على هوية المنطقة وحدودها المستقبلية.
ضرب القواعد يؤدي إلى تجديد عقود السلاح، وتحديث البنى التحتية العسكرية، ودفع دول الخليج إلى إعادة تموضعها داخل خريطة المصالح الغربية. في الخلفية، تتجه الأنظار إلى رفع أسعار النفط، وإعادة ترتيب سوق الطاقة عالميًا، وفرض شروط سياسية جديدة بقوة السلاح والاقتصاد.
ما يجري اليوم هو تنفيذ عملي لقاعدة جيوسياسية قديمة: “من لا يستطيع تغيير الخرائط بالحبر، يغيّرها بالنار.”
لكن السؤال الأهم: هل ستكون دول المنطقة مجرد أوراق في هذه اللعبة؟ أم أن هناك من بدأ يدرك أن التقسيم هذه المرة لن يكون مجرد نظريات، بل واقع تفرضه صفقات السلاح والخرائط الجديدة؟
الخليج الآن فوق صفيح ساخن، واللعبة أكبر من مجرد ضربات متبادلة.. إنها بداية إعادة تشكيل الشرق الأوسط بقوة السلاح، لا بمؤتمرات السلام.