الدكتورة هبة عادل تكتب: ترامب يعتلي منصة المسرح.. وضربات واشنطن لإيران مسرحية نارية مكشوفة

ارتدى قبعته الحمراء بشعار “لنجعل أميركا عظيمة من جديد”، وجلس أمام الشاشات محاطًا بفريقه العسكري، بينما تتوالى تقارير الغارات الأميركية على أهداف نووية إيرانية، وفي مقدمتها منشأة فوردو الحصينة.
لكن المشهد لا يخدع إلا السذج. هذه ليست عمليات عسكرية تستهدف تحييد القدرات النووية الإيرانية، بل عرض عملياتي محسوب بعناية، يحمل رسائل داخلية أميركية أكثر مما يحمل أهدافًا عسكرية حقيقية. منشآت مفرغة، ضربات معلنة، وتنسيق خلف الكواليس مع القيادات الإيرانية عبر قنوات الاتصال الخلفية.
واشنطن لم تعد تخجل من إدارة الحروب كعروض مسرحية إعلامية. الضربة ليست “ضربة جراحية Surgical Strike”، بل أشبه بطلقة تحذيرية فوق الرأس، لضبط إيقاع النظام الإيراني—not لإسقاطه.
الهدف الحقيقي ليس المفاعلات، بل “تثبيت قواعد الاشتباك” مع طهران؛ إبقاء إيران في حالة استنزاف دائم دون السماح بانفجار كبير قد يربك حسابات واشنطن مع حلفائها في الشرق الأوسط.
اللافت أن إيران أعلنت مسبقًا إخلاء المفاعلات النووية المستهدفة، في اعتراف ضمني بأن اللعبة مكشوفة لدى الطرفين. المشهد برمته أشبه بعملية “قصف تكتيكي محدود ذات أبعاد سياسية”، لا أكثر.
لكن الخطر الحقيقي هنا ليس على إيران أو واشنطن، بل على شعوب المنطقة التي تُستخدم أراضيها دومًا كـ مسارح عمليات Testing Grounds لصراعات النفوذ الدولية.
ما نشهده اليوم هو تطبيق مباشر لنظرية “الحروب بالوكالة Proxy Wars” على الطريقة الأميركية، مع الاحتفاظ بخيوط اللعبة كاملة داخل قبضة البيت الأبيض.
ترمب يعود للساحة الدولية مستخدمًا “قوة النيران المحدودة Limited Firepower” كدعاية انتخابية، بينما إيران تلوّح بقدرتها على ضبط مسرح العمليات بما يناسب مصالحها دون التورط في مواجهة شاملة.
لكن الشعوب وحدها تدفع الثمن، والشرق الأوسط يتحول مجددًا إلى “ساحة تدريب للرسائل الاستراتيجية المتبادلة”.
إنه زمن الحروب بلا انتصارات… والاتفاقات بلا سيادة.