الدكتورة هبة عادل تكتب: المصريون بالخارج.. قوة اقتصادية بلا حماية وتمثيل بلا صوت

رغم أن المصريين بالخارج يمثلون ركيزة اقتصادية وسياسية وثقافية للدولة المصرية، إلا أن الواقع يكشف عن فجوة واضحة بين حجم هذه القوة وبين ما يحصلون عليه من اهتمام فعلي على مستوى الخدمات والتمثيل.
وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الهجرة والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حتى عام 2025، يتجاوز عدد المصريين بالخارج 14 مليون مواطن موزعين على أكثر من 160 دولة حول العالم، تأتي في مقدمتها المملكة العربية السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، إيطاليا، الولايات المتحدة، وكندا.
وتُعد تحويلات المصريين بالخارج أحد الأعمدة الأساسية لدعم الاقتصاد الوطني، حيث تجاوزت قيمتها 32 مليار دولار سنويًا خلال عام 2024، وهو رقم يضعهم في صدارة مصادر النقد الأجنبي للدولة المصرية.
ورغم أهمية هذا الدور، إلا أن المشكلات التي تواجه المصريين بالخارج ما زالت قائمة، أبرزها:
ضعف الخدمات القنصلية في العديد من السفارات، خاصة في الدول ذات الكثافة العالية للجاليات المصرية، مع استمرار الشكاوى من طول الإجراءات وتأخر المعاملات.
ضعف التمثيل السياسي والبرلماني؛ فعلى الرغم من وجود نواب للمصريين بالخارج تحت قبة البرلمان، إلا أن الشعور السائد بين أبناء الجاليات هو أن هذا التمثيل لا يعكس مشاكلهم الحقيقية ولا يدافع عنها بالشكل المطلوب.
عراقيل الاستثمار؛ فرغم وجود العديد من المبادرات الحكومية لتحفيز المصريين بالخارج على ضخ استثماراتهم في السوق المصري، إلا أن البيروقراطية والتعقيدات الإدارية لا تزال تمثل حاجزًا أمام هذه الجهود.
غياب منظومة متكاملة لدعم الجيل الثاني والثالث من أبناء المصريين بالخارج، خاصة في الحفاظ على الهوية الثقافية واللغوية والانتماء الوطني، رغم المبادرات الإيجابية مثل “اتكلم عربي”.
الحماية القانونية والرعاية الاجتماعية؛ إذ لا تزال هناك فجوات كبيرة في آليات التدخل والدعم القانوني للمصريين في الخارج، خاصة في أوقات الأزمات والطوارئ.
وعلى الرغم من أن القيادة السياسية تولي هذا الملف اهتمامًا واضحًا، وظهر ذلك بوضوح في تأسيس وزارة الهجرة وإطلاق عدد من المبادرات المهمة خلال السنوات الماضية، إلا أن الأجهزة التنفيذية لا تزال تتحرك ببطء شديد لا يتناسب مع حجم التوجيهات السياسية، مما يؤدي إلى إهدار كثير من الفرص الحقيقية التي يمكن استثمارها لخدمة الوطن والمواطن في آنٍ واحد.
وتبقى المعضلة الكبرى هي غياب التمثيل الحقيقي الذي يشعر معه المصري بالخارج أن له صوتًا قويًا وفاعلًا داخل مؤسسات الدولة.
القضية لم تعد ترفًا ولا تكميلية.. بل أصبحت واجبًا وطنيًا في ظل الجمهورية الجديدة.
المصريون بالخارج ليسوا مجرد مغتربين.. بل هم قوة مصر الناعمة وصلابتها الاقتصادية. والأمل أن تتحول التوجيهات السياسية إلى واقع عملي يشعر به كل مصري في الخارج، ليس فقط بالأرقام، بل بالحقوق الكاملة والتمثيل العادل.