الدكتور أحمد خليل يكتب: ”الأسد الصاعد” والشرق الأوسط الجديد

إن الضربات الإسرائيلية لإيران جاءت لتزيد أوضاع الشرق الأوسط تعقيدا، وتدفع بالمنطقة إلى منزلق رهيب من الفوضى والحرب الشاملة، وفي أضعف لحظاتها، ستواجه الجمهورية الإسلامية الإيرانية صعوبة في إظهار غطرستها الإقليمية التي حافظت عليها لعقود، وقد تشعر بعجزها عن انتهاز فرصة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، دون أن تبدو أكثر ضعفًا، ويبدو أنها غير قادرة على الرد على إسرائيل بشكل متناسب، لذا قد تلجأ إلى الضرب بشكل غير متكافئ، إن أمكن، وفي خضم هذا الارتباك الحالي، هناك حقيقة أساسية واضحة أن إسرائيل تتصرف في الشرق الأوسط الآن دون عائق من حلفائها، ولا تخشى المخاطر الأوسع نطاقا، وتسعى ــ في بعض الأحيان بوحشية ــ إلى تغيير الديناميكيات الإقليمية لعقود قادمة، في مواجهة الضربات الإسرائيلية واسعة النطاق، فليس من الواضح ما إذا كانت إيران لديها القدرة على حشد الرد العنيف الذي يمكن توقعه، وأثناء كتابتى لهذا المقال مساء اليوم الجمعة أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، أن إيران أطلقت موجة ثالثة من الصواريخ الباليستية باتجاه الأراضي الإسرائيلية، مستهدفة سبعة مواقع في وسط البلاد وأفادت بإندلاع حريق في مبنى سكني في تل أبيب جراء إصابته بصاروخ إيراني، فيما لم يعرف بعد حصيلة الأضرار البشرية، لكن لقد أثبتت إسرائيل مرة أخرى قوتها العسكرية والإستخباراتية في الشرق الأوسط، غير مبالية بالخسائر في صفوف المدنيين والتأثير الدبلوماسي لأفعالها على حلفائها، وربما كان رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو أمام خيارين: إما استخدام هذه القدرة الآن، أو فقدانها، مع انطلاق الدبلوماسية خلال الجولة السادسة من المحادثات النووية التي كان المقرر عقدها نهاية هذا الأسبوع بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عُمان، وأطلق جيش الاحتلال الإسرائيلى اسم "الأسد الصاعد" على العملية العسكرية ضد إيران، واستهدف فيها البرنامج النووي الإيراني، وصرح جيش الإحتلال إن العشرات من الطائرات شاركت في الضربة الإفتتاحية، التي شملت غارات على عشرات الأهداف العسكرية، بما فيها مواقع مرتبطة بالبرنامج النووي في مناطق مختلفة من إيران، ومن أبرز القتلى من الجيش والحرس الثوري قائد الحرس الثوري الإيراني ، ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية ، وقائد مقر خاتم الأنبياء العسكري ، وقائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني ، وقائد قوة الطائرات المسيرة التابعة لسلاح الجو التابع للحرس الثوري الإيراني ، وقائد القيادة الجوية لسلاح الجو التابع للحرس الثوري الإيراني ، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة للعمليات في الجيش الإيراني، ومن أبرز القتلى بعض من علماء الذرة والعلماء النوويون، والسؤال الذى يفرض نفسه كيف علم جيش الإحتلال بأماكن هؤلاء العلماء؟ هل هناك خيانة داخل إيران؟ أرى أن هناك خيانة وإختراق لأجهزة إيران بهدف القضاء على البرامج النووية، حيث أن الإختراق الأمني نقطة ضعف طهران الأبدية والدليل اغتيالات وتصفيات بالجملة لقادة الحرس الثوري الايراني وشخصيات كبيرة أخرى، وعلماء الذرة والنووي في هجوم "اسرائيلي" استهدف عدة مناطق في طهران وبعض أماكن تخصيب اليورانيوم في ايران، وهذا الهجوم جاء بعد ايام قليلة من "استعراض إيراني" حول حصولها على ملفات استخباراتية وأمنية بشأن المعلومات وأماكن تواجد التخصيب النووي في "اسرائيل"، وضربة مثل هذه التي قام بها اليوم الكيان الصهيونى لا يمكن ان تحدث إلا بعد عمل إستخباراتي وأمني كبير جدا، وهذا الإختراق الأمني كيير تعاني منه الأجهزة الامنية الإيرانية منذ سنوات طويلة وهنا نتذكر تصريح للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، حول أن أعلى مسؤول تولَّى مكافحة التجسس الإسرائيلي في جهاز الاستخبارات الإيراني كان هو نفسه جاسوساً للكيان الصهيوني في إشارة إلى الاختراق الذي تشهده المستويات العليا في النظام الإيراني، وللحديث عن الشرق الأوسط الجديد بقية إن شاء الله.