البرلمان يوافق نهائيا على تعديلات قوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ

وافق مجلس النواب، خلال جلسته العامة أمس، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، نهائيًا على مشروع قانون مقدم من النائب عبد الهادي القصبي وآخرين (أكثر من عُشر عدد أعضاء المجلس)، بتعديل بعض أحكام قانون مجلس النواب الصادر بالقانون رقم (٤٦) لسنة ٢٠١٤، والقانون رقم (١٧٤) لسنة ٢٠٢٠ بشأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب.
كما وافق نهائيًا على مشروع قانون مقدم من النائب عبد الهادي القصبي وآخرين (أكثر من عُشر عدد أعضاء المجلس)، بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ الصادر بالقانون رقم (١٤١) لسنة ٢٠٢٠.
وأكد المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، عقب أخذ الموافقة النهائية، أن مشروعي قانوني انتخابات مجلسي النواب والشيوخ قد انتهجا مسارًا رشيدًا بالحفاظ على ثبات النظام الانتخابي، وهو ما يعكس إيمانًا راسخًا بأن الاستقرار في القواعد المنظمة للعملية الديمقراطية يُعد شرطًا لازمًا لترسيخ الثقة الشعبية، وتعزيز التماسك المؤسسي، وتفادي دوامة التغيير؛ لا سيما وأنه، وإن تعددت المدارس الفكرية وتباينت الرؤى حول جدوى النظم الانتخابية المختلفة، فإن الاتفاق ينعقد على أن النظام الأمثل لا يُقاس بمدى اقترابه من نموذج نظري مجرد، بل بقدر توافقه مع الخصوصية الوطنية، وقدرته على الاستجابة لتركيبة المجتمع وسياقه السياسي والاجتماعي، ويرتكز - قبل كل شيء - إلى الأسس الدستورية الراسخة؛ فالنظم الانتخابية لا تُستورد، ولا تُفرض كقوالب جاهزة، وإنما تُصاغ بتأنٍ لتنساب في ثنايا النصوص الدستورية، وتتكيف مع معطيات الواقع الوطني.
وتابع: إن ما ننجزه اليوم ليس مجرد تعديل تشريعي، بل هو خطوة محسوبة في بناء استقرار النظام النيابي، وترسيخ قواعد التمثيل الرشيد، وإعلاء لقيمة الانسجام بين مقتضيات الدستور وضرورات الواقع، بما يُعزز ثقة المواطن في مؤسسة اختارها بإرادته الحرة لتكون لسانه وصوته.
واختتم كلمته قائلًا: أطمئن الجميع أن الانتخابات النيابية المقبلة ستتم تحت إشراف عضو من أعضاء الهيئات القضائية على كل صندوق انتخابي، بما يضمن الشفافية الكاملة في جميع مراحل الاقتراع والفرز، ويُرسخ ثقة المواطنين في سلامة العملية الانتخابية وحيادها.
وكان المستشار إبراهيم الهنيدي، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، قد استعرض تقرير اللجنة بشأن مشروعي القانونين، مؤكدًا أن سنّ القوانين ليس مجرد استجابة لنقصٍ إجرائي أو تعديلٍ شكلي فحسب، بل هو تعبير متجدد عن وعي السلطة التشريعية بضرورات اللحظة ومتطلبات المستقبل، لا سيما حين يتعلق الأمر بالقوانين المنظمة لبنية التمثيل النيابي؛ فمشروع القانون لا يقتصر على تعديل فني لحدود الدوائر الانتخابية، بل يأتي استجابة ضرورية لتحولات سكانية وانتخابية ملموسة أوجدت تفاوتًا في توازن التمثيل بين بعض الدوائر، الأمر الذي استوجب تدخّلًا تشريعيًا يعيد توزيع المقاعد بصورة تُحقق التناسب العادل بين عدد السكان والناخبين من جهة، وعدد النواب الممثلين عنهم من جهة أخرى، في ضوء معايير منضبطة وواقعية.
ومن ثم، جاءت المعايير المعتمدة في إعداد هذا المشروع لتتجاوز الصياغة الشكلية إلى بناء مضمون متماسك، يستند إلى احتساب دقيق لمتوسط التمثيل النيابي، ووضع حدود انحراف مقبولة، مع التزام مبدئي بالشفافية في عرض الاستثناءات وتفسيرها، استنادًا إلى اعتبارات موضوعية جغرافية وإدارية لا تُغيّر من الواقع، لكنها تفرض على المشرّع أن يُحسن التعاطي معها بتوازن ومسؤولية. وبهذا النهج، لا يكتفي المشروع بتصحيح اختلالات جزئية، بل يُرسّخ قاعدة تشريعية أكثر عدالة واستقرارًا، تُراعي التوازن بين القاعدة والاستثناء، وتضع نصب أعينها أن التمثيل النيابي ليس فقط انعكاسًا للأرقام، بل تجسيدٌ للعدالة الدستورية في صورتها التطبيقية.
جاء مشروع القانون الخاص بمجلس النواب وتقسيم دوائره مكوَّنًا من مادتين، بخلاف مادة النشر كالتالي:
المادة الأولى: تضمنت إعادة توزيع عدد المقاعد المخصصة لنظام القوائم المغلقة المطلقة، وعدد دوائرها (٤) دوائر على مستوى الجمهورية، بحيث يُخصَّص لدائرتين من الدوائر الأربع عدد (٤٠) مقعدًا لكل دائرة منهما – بعدما كان (٤٢) مقعدًا في التقسيم السابق – وعدد (١٠٢) من المقاعد لكل من الدائرتين الأخريين، بعدما كان (١٠٠) مقعد في التقسيم السابق. وقد استتبع هذا التعديل تصويب عدد المقاعد المخصصة للانتخاب بنظام القائمة، والوارد بالمادتين (٥) و(١٠) من القانون ذاته، وكذا تعديل عدد المقاعد المخصصة للمرأة، على النحو المبين في المادة (٥/ الفقرتين الثالثة والخامسة)، لتكون (٢٠) مقعدًا في القائمة المخصصة لها (٤٠) مقعدًا، و(٥١) مقعدًا في القائمة المخصصة لها (١٠٢) من المقاعد؛ أي بنسبة تمثيل للمرأة تُعادل (٥٠٪) من إجمالي المقاعد المخصصة للانتخاب بنظام القائمة.
وأخيرًا، تم تعديل قيمة التأمين الواجب أداؤه عند الترشح، على النحو الوارد في المادة (١٠)، ليكون ثلاثين ألف جنيه للمترشح بالنظام الفردي – بدلًا من عشرة آلاف جنيه – ومبلغ مائة وعشرين ألف جنيه للقائمة المخصصة لها (٤٠) مقعدًا، وثلاثمائة وستة آلاف جنيه للقائمة المخصصة لها (١٠٢) من المقاعد.
المادة الثانية: نصت على استبدال الجداول المرافقة لمشروع القانون المعروض بالجداول المرافقة لقانون تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب الصادر بالقانون رقم (١٧٤) لسنة ٢٠٢٠، بما يكفل التوزيع العادل للمقاعد بين الدوائر وفقًا لمتوسط التمثيل النيابي. حيث تبين للجنة أن عدد الدوائر الانتخابية للنظام الفردي ظل ثابتًا عند (١٤٣) دائرة، وهو ذات العدد المعمول به في انتخابات عام ٢٠٢٠، مع ملاحظة أن هذا الثبات لم يكن جمودًا تنظيميًا، بل انطوى على إعادة هيكلة داخلية تمثلت في إلغاء دائرتين واستحداث اثنتين جديدتين، عبر فصل بعض المكونات الإدارية عن دوائر قائمة، بما يعكس مرونة تشريعية تستجيب لتحولات الخريطتين السكانية والانتخابية.
كما رصدت اللجنة تغيّرات في التكوين الإداري في بعض دوائر عدد من المحافظات، وهي: "القاهرة، القليوبية، الجيزة، الفيوم، المنيا، والشرقية"، فضلًا عن زيادة عدد المقاعد المخصصة لإحدى دوائر محافظة بني سويف بمقعد إضافي، بما يتفق مع مقتضيات العدالة في التمثيل النيابي.
كما جاء مشروع القانون بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ، مكوَّنًا من مادتين، بخلاف مادة النشر، وشمل إعادة توزيع عدد المقاعد المخصصة لنظام القوائم المغلقة المطلقة وعدد دوائره (٤) دوائر على مستوى الجمهورية، بحيث يُخصَّص لدائرتين من الدوائر الأربع عدد (١٣) مقعدًا لكل منهما – بعدما كان (١٥) مقعدًا في التقسيم السابق – وعدد (٣٧) مقعدًا لكل من الدائرتين الأخريين – بعدما كان (٣٥) مقعدًا في التقسيم السابق – كما هو وارد في التعديل الوارد على الفقرة الأولى من المادة (٣). ويهدف هذا التعديل إلى تحقيق التوازن في توزيع المقاعد بين الدوائر، بما يتماشى مع متوسط التمثيل النيابي.
وشمل التعديل أيضًا قيمة التأمين الواجب أداؤه عند الترشح، سواء للنظام الفردي، ليكون ثلاثين ألف جنيه للمترشح بالنظام الفردي، ومبلغ تسعة وثلاثين ألف جنيه للقائمة المخصصة لها (١٣) مقعدًا، ومبلغ مائة وأحد عشر ألف جنيه للقائمة المخصصة لها (٣٧) مقعدًا.
المادة الثانية: نصت على استبدال الجدولين المرافقين لمشروع القانون المعروض بالجدولين المرافقين لقانون مجلس الشيوخ القائم، بما يكفل التوزيع العادل للمقاعد بين الدوائر، وفقًا لمتوسط التمثيل النيابي. فعلى مستوى نظام الانتخاب الفردي، شهد المشروع تعديلًا محدودًا في توزيع المقاعد، تمثّل في نقل مقعدين؛ أحدهما من محافظة البحيرة، والآخر من محافظة القليوبية، ليُضاف الأول إلى محافظة الفيوم، والثاني إلى محافظة أسيوط.