”وول ستريت جورنال”: الضفة الغربية تتحول سريعًا إلى جبهة قتال ثالثة لإسرائيل

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية برية وجوية كبرى في الضفة الغربية، بحجة منع الهجمات التي تنطلق من الأراضي الفلسطينية، لتتطور الضفة الغربية سريعًا إلى جبهة قتال ثالثة إلى جانب غزة والحدود الشمالية مع لبنان.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن قوات الاحتلال انتشرت في أجزاء من شمال الضفة الغربية، وفقًا للجيش الإسرائيلي، الذي قال إنه قتل 9 مسلحين على الأقل واعتقل 5 مسلحين آخرين مشتبه بهم في مدن جنين وطولكرم ومخيم الفارعة للاجئين، لتصبح هذه واحدة من أوسع الهجمات الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ بدء الحرب على غزة قبل أكثر من 10 أشهر.

وأبلغت السلطات الصحية الفلسطينية عن مقتل 10 أشخاص وإصابة أكثر من 20 في الغارات الجوية الإسرائيلية؛ حيث قال مسئولون محليون إن إسرائيل فرضت حظر تجول نهارًا في أجزاء من جنين، ومنع الناس من مغادرة منازلهم، فيما قال جيش الاحتلال إنه ليس على علم بهذا الإجراء.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي نداف شوشاني، قال إن نحو 150 هجوما بإطلاق النار والمتفجرات انطلقت من الضفة الغربية خلال العام الماضي، مضيفا: "نحن بحاجة إلى العمل لإزالة التهديدات على الفور".

ومنذ هجوم حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، كثف جيش الاحتلال حملته من عمليات القتل المستهدفة، وكانت تركز في الغالب على لبنان؛ حيث تحاول إسرائيل القضاء على مقاتلي حزب الله الذين يشنون هجمات في شمال إسرائيل، فضلاً عن عملاء في جماعات مسلحة أخرى مدعومة من إيران.

لكن الغارات على الضفة الغربية شهدت صعودا ملحوظا في أعقاب محاولة تفجير انتحاري في تل أبيب أعلنت حماس مسئوليتها عنه في وقت سابق من الشهر الجاري؛ حيث أشار جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أنه يركز حاليا على شمال الضفة الغربية، وبينما انفجرت القنبلة قبل الأوان، فإن المحاولة أعادت إلى الأذهان موجات التفجيرات الانتحارية في العقود الماضية والتي انخفضت حدتها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.

وعلى الجانب الأمريكي، التزم البيت الأبيض بتأييده حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه قال إنها "يجب أن تفعل ذلك بطريقة تحد من الخسائر بين المدنيين والأضرار التي تلحق بالبنية الأساسية المدنية، وأوضح المسئولون الأمريكيون أنهم يسعون إلى الحصول على مزيد من المعلومات من إسرائيل بشأن هذه العملية.

ومنذ بدء الحرب مع حماس في غزة، رفع الجيش الإسرائيلي وتيرة الغارات والاعتقالات والضربات في مختلف أنحاء الضفة الغربية، في محاولة لمنع ظهور ساحة قتال رئيسية أخرى من شأنها أن تؤدي إلى تشتيت قواته.

ولكن الاضطرابات الحالية، إلى جانب تصاعد العنف الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، تهدد بتحقيق هذا الهدف، كما تواصل إسرائيل الحرب ضد حماس في غزة وتقاتل حزب الله في لبنان، حيث وجهت يوم الأحد ضربة استباقية إلى الجماعة المسلحة المدعومة من إيران.

كما عززت إسرائيل استخدامها للضربات الجوية في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر، ما أدى إلى مقتل حوالي 136 فلسطينيًا وإصابة 41 في الغارات الجوية الإسرائيلية منذ أكتوبر مقارنة بستة قتلى فقط بين عامي 2020 وأكتوبر 2023، وفقًا لتقرير حديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية.

وفي هذا السياق، قال عوفر شيلح، المحلل العسكري في معهد دراسات الأمن القومي، ومقره تل أبيب، إن الوضع في الضفة الغربية "سيصل إلى نقطة الغليان"، موضحا أن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية "قلقة للغاية بشأن ما يحدث هناك".

وبحسب "وول ستريت جورنال"، يقول المحللون إن إسرائيل أرسلت قوات أكثر خبرة إلى الضفة الغربية، كما عززت بشكل متقطع قواتها في الضفة الغربية عندما اندلعت أعمال عنف المستوطنين، بما في ذلك بعد اختفاء مستوطن إسرائيلي مراهق عُثر عليه ميتًا في وقت لاحق في أبريل الماضي، لكن إسرائيل تعثرت في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الأعمال المتطرفة المتنامية من قبل المستوطنين الإسرائيليين.

وأصدر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى، بما في ذلك كندا وفرنسا واليابان، عقوبات ضد المستوطنين الإسرائيليين والمنظمات الاستيطانية المسئولة عن العنف في الضفة الغربية، بل وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، اليوم الأربعاء، عن عقوبات جديدة ضد منظمة غير حكومية إسرائيلية ومنسق الأمن المدني لمستوطنة في الضفة الغربية.

واعترف الجيش الإسرائيلي في تقرير، إن قواته فشلت في منع المستوطنين الإسرائيليين من ارتكاب واقعة عنف في وقت سابق من أغسطس الجاري في الضفة الغربية؛ حيث هوجم المواطنين الفلسطينيين من قبل عشرات المستوطنين الإسرائيليين الملثمين، في واحدة من أكبر أعمال الشغب التي قام بها المستوطنون منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، كما أحرقوا السيارات والمباني وألقوا زجاجات المولوتوف، وأطلقوا النيران على رجل فلسطيني يبلغ من العمر 23 عامًا.

رغم أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يكشف عن مستويات قواته في العمليات العسكرية المستمرة بالضفة الغربية، إلا أنه أعلن الألوية الإقليمية وكذلك المهندسين القتاليين يشاركون فيها، ولم يقدم تاريخا تقديريا لنهاية هذه العملية.

لكن وفقا لسكان الضفة الغربية، شاركت المروحيات الإسرائيلية والطائرات بدون طيار وعدد كبير من المركبات العسكرية في المداهمات، فيما قال جيش الاحتلال إنه يهاجم من الأرض والجو، ويفكك المتفجرات التي زرعت تحت الطرق، ويصادر الأسلحة، بحسب "وول ستريت جورنال".

وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر أن الجيش الإسرائيلي حاصر جنين وطولكرم ومخيم الفارعة للاجئين بالقرب من طوباس بنقاط تفتيش عسكرية، مشيرة إلى أن المركبات العسكرية الإسرائيلية حاصرت المستشفيات الرئيسية في جنين وطولكرم وسيطرت على الوصول إليها، بما في ذلك التحقق من هويات القادمين بسيارات الإسعاف، ورد جيش الاحتلال بأنه يحاول منع المسلحين من التمركز في المستشفيات وتحويلها إلى أماكن للقتال.

وأبلغت وزارة الصحة الفلسطينية عن مقتل 660 فلسطينيًا في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر الماضي، فيما تقول الأمم المتحدة إن نحو 600 شخص لقوا حتفهم في أعمال عنف في الضفة الغربية، التي تقع أجزاء منها تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي وتديرها السلطة الفلسطينية.