عادات غذائية بسيطة تزيد فرص الوقاية من الزهايمر

يُصيب مرض الزهايمر، أكثر أشكال الخرف انتشارًا، حاليًا نحو 7 ملايين أمريكي، وتشير التوقعات إلى أن هذا الرقم سيقترب من الضعف خلال العقود المقبلة.
ومع تزايد الحالات، تتجه الأبحاث العلمية إلى دراسة العوامل التي تؤخر ظهور هذا المرض التنكسي، الذي يؤدي إلى تراجع الذاكرة والقدرات الإدراكية تدريجيًا.
وطرحت دراستان جديدتان، نوقشتا في الاجتماع السنوي لجمعية الزهايمر، رؤى جديدة حول الدور الذي يلعبه نمط الحياة، لاسيما النظام الغذائي وممارسة التمارين، في الحماية من الزهايمر.
المشي.. رياضة بسيطة بمفعول عميق
أظهرت إحدى الدراسات أن المشي يمكن أن يُنتج بروتينًا يُعرف بـ عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF)، وهو عنصر مهم في دعم وظائف الدماغ. ووصفت الدكتورة سيندي بارها، أستاذة علم الأعصاب بجامعة كالجاري، هذا البروتين بأنه "سماد طبيعي يفرزه الدماغ أثناء التمارين"، مشيرة إلى دوره الحيوي في تعزيز نمو الخلايا العصبية وتحسين الذاكرة والمزاج، خاصةً في منطقة الحُصين المسؤولة عن معالجة الذكريات.
وأضافت الدراسة أن المشي المنتظم يقلل من خطر الإصابة بالخرف، بينما الأشخاص الذين يسيرون ببطء قد يكونون أكثر عرضة لعلامات مبكرة للمرض.
الجينات والتفاعل مع الرياضة والنظام الغذائي
ركزت دراسة ثانية على التأثير المشترك للرياضة والنظام الغذائي لدى الأفراد الحاملين لمتغير جيني يُعرف بـ APOE4، الذي يزيد خطر الإصابة بالزهايمر ويؤثر في نحو 15% من البشر.
وشملت الدراسة 2500 مشارك، بينهم أكثر من 700 حامل لهذا الجين، وقد أظهروا استجابة إيجابية ملحوظة للتعديلات في نمط الحياة، من حيث التمارين، الاستشارات الغذائية، والاختبارات الدماغية.
ووفقًا للباحثة جيني ليهتيسالو من المعهد الفنلندي للصحة والرعاية الاجتماعية، فإن من يملكون جين APOE4 استفادوا من التعديلات أربعة أضعاف مقارنة بغيرهم.
وتشير هذه النتائج إلى أن هذا الجين قد لا يكون حكمًا حتميًا على المصير، بل مفتاحًا لتصميم تدخلات شخصية فعالة.
الغذاء كوسيلة وقائية... والسكريات عدو صامت
تؤكد نتائج الأبحاث أن النظام الغذائي الصحي يشكل ركيزة في الوقاية من الزهايمر، خصوصًا لدى من لديهم استعداد جيني.
وتُحذر الأبحاث من استهلاك السكريات المُكررة، إذ إنها تُفاقم الخطر لدى حاملي جين APOE4.
ويدعم هذا التوجه رأي الدكتور حسين ياسين، الباحث في جامعة جنوب كاليفورنيا، الذي أشار إلى أن "الحياة العصرية لا تناسب بعض الأفراد الذين يحملون هذا الجين"، في إشارة إلى أن نمط الحياة الغني بالكربوهيدرات البسيطة وقلة النشاط البدني قد يُسرّع التدهور الإدراكي.
نظرة مستقبلية: الوقاية تبدأ من اليوم
رغم عدم وجود علاج شافٍ للزهايمر حتى الآن، تُشكل نتائج هذه الدراسات نقطة تحوّل في كيفية التعامل مع المرض.
ولم تعد الوقاية مفهوماً نظريًا، بل خيارًا عمليًا يمكن لكل شخص اتخاذه ومع تقدم الفهم حول الجينات وعلاقتها بنمط الحياة، يصبح بالإمكان تصميم خطط صحية شخصية تُبطئ مسار التدهور العصبي، وتمنح الأفراد فرصة لحياة أطول بعقلٍ أكثر حدة.