الداخلية تنشر عناصرها لتأمين الطرق ومساعدة المواطنين في الطقس السيئ.. صور
تلبدت سماء الإسكندرية بالغيوم، وسادت شوارعها حالة من الترقب الحذر مع هطول أمطار غزيرة، وتحركت أجهزة وزارة الداخلية بكل أذرعها، ورفعت مستوى الجاهزية إلى الدرجة القصوى لمواجهة تداعيات حالة الطقس غير المستقرة التي ضربت المدينة الساحلية.
ومع بداية هطول الأمطار، بدت ملامح الخطة الأمنية واضحة في الميادين الرئيسية، حيث تكثف التواجد الأمني بشكل ملحوظ في الشوارع الحيوية والتقاطعات المرورية، لا لتنظيم الحركة فقط، بل لتقديم يد العون للمواطنين الذين باغتتهم السيول.
عناصر الشرطة انتشروا في الميدان بروح يقظة، تتابع كل مشهد وتلتقط كل تفصيلة، يوجهون السيارات في لحظات الزحام ويؤمنون طرقًا بديلة عند غلق بعض المحاور بسبب تجمع المياه، وسط إشراف مباشر من القيادات الأمنية التي تابعت تنفيذ الخطة لحظة بلحظة من قلب الحدث لا من خلف المكاتب.
الوزارة لم تكتفِ بالتواجد البشري فحسب، بل دفعت بكل ما تملكه من تجهيزات لوجيستية للتعامل مع هذا الظرف الطارئ. سيارات إغاثة تجوب الطرق المغمورة بالمياه، عربات دفع رباعي تقتحم المساحات المنخفضة التي تحولت إلى برك مؤقتة، وأوناش مرورية تعمل على إزالة المعوقات التي خلفتها مياه الأمطار أو أعطال المركبات.
كما لعبت قوات الحماية المدنية دورًا محوريًا في المشهد، ليس فقط من خلال التدخل السريع لشفط المياه المتجمعة في الأنفاق والطرق، بل أيضًا عبر المشاركة في رفع الأضرار وتطهير الشوارع التي غمرتها السيول، مع استعداد كامل للتدخل الفوري في أي بلاغ طارئ.
وفي خلفية هذا التحرك الميداني، جرى تنسيق عالي المستوى بين وزارة الداخلية والجهات التنفيذية بالمحافظة، من أجل تجهيز المعدات الثقيلة والطواقم الفنية، وضمان التوزيع الجغرافي المتوازن للقوات والمعدات. الهدف لم يكن فقط المواجهة الآنية، بل تقليل الآثار السلبية لهذه الموجة الجوية على الحياة اليومية لسكان المدينة.
ولأن التفاصيل الصغيرة هي ما تصنع الفارق، حرصت عناصر الأمن على دعم الحالات الإنسانية العالقة، ومساعدة كبار السن والنساء في عبور الشوارع، كما جرى تأمين محيط المدارس والمستشفيات ومراكز الخدمات الحيوية، لضمان استمرار الأنشطة الأساسية دون انقطاع أو تعطيل.
وقد لاقت تلك الجهود صدى واسعًا في أوساط المواطنين، الذين لم يترددوا في التعبير عن امتنانهم لما رأوه من تفاعل أمني فوري مع الأزمة. مشاهد الشكر والاحترام المتبادل بين الأهالي ورجال الشرطة كانت خير دليل على العلاقة المتجذرة بين الجهاز الأمني والمجتمع، خاصة في وقت الشدائد.
ومع استمرار سقوط الأمطار، ظلت غرفة العمليات المركزية بوزارة الداخلية في حالة انعقاد دائم، ترصد التحركات وتتابع البلاغات وتوجه الفرق الميدانية بحسب طبيعة كل موقع. ولم تغفل الوزارة الجانب الإعلامي، حيث جرى نشر التحذيرات والتعليمات عبر القنوات الرسمية لضمان توعية المواطنين ومساعدتهم على اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
ويأتي هذا التحرك الواسع في إطار الدور المجتمعي الذي تتبناه وزارة الداخلية، والذي لا يقتصر على مكافحة الجريمة وحماية الممتلكات، بل يمتد ليشمل دعم المواطنين ومساندتهم في الأوقات الطارئة، وتقديم كافة صور العون الممكنة للحفاظ على سلامة الأرواح وتيسير الحياة اليومية حتى في أصعب الظروف.
ومع انقشاع الغيوم تدريجيًا عن سماء الإسكندرية، بقيت آثار هذا الجهد واضحة على الأرض. طرق أعيد فتحها في توقيت قياسي، ومواطنون عبروا الأزمة بأمان، وأجهزة أمنية أثبتت مجددًا قدرتها على التصرف السريع والتنسيق المحكم والتواجد الفاعل في الميدان عندما تدعو الحاجة.
في النهاية، تبقى الأزمة اختبارًا حقيقيًا لمدى استعداد الدولة وجاهزية مؤسساتها، وقد جاءت أجهزة وزارة الداخلية في الإسكندرية على قدر الحدث، تتحرك بوعي وتتصرف بثقة، وتترك أثرًا لا يُمحى في ذاكرة المدينة كلما هطل المطر.