هي وهما
هي وهما

آراء هي وهما

محمد موسى يكتب: مصر بين مطرقة الاتهام وسندان الاتهام المضاد

-

يوم ٧ أكتوبر القادم ليس مجرد تاريخ عابر؛ إنه لحظة فاصلة ومصيرية. ما يجري حولنا أعمق وأخطر من الصورة الظاهرة، وهناك لعبة مخطَّطة وممنهجة تُلعب على أرض الواقع الآن، وهدفها النهائي هو تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهلها ومحاولة إلغاء حقّهم في الوطن .
الكيان الإسرائيلي لا يقوم بأعمال عنف عشوائية فحسب؛ هناك منطق واستراتيجية وراء هذه التحركات. يتم خلق أزمات تبدو طبيعية لكنها مقصودة " حصار، قصف، منع وصول المساعدات، وخلق ضغط هائل على المدنيين حتى يُجبروا على الهرب " ، ولحظة الهروب هي فرصة لتنفيذ تهجير قسري نحو سيناء أو عبر ما يُسمَّى «ممرات آمنة» تُقدَّم زورا كحل إنساني بينما هي فخ يؤدي إلى إفراغ فلسطين من أهلها .
يسعى من يقود هذه الخطة إلى تصوير المشهد دوليًا بأن مصر هي العقبة؛ تنتشر شائعات عن حشد قوات في سيناء، وتُتسرب بيانات إعلامية عن «خطة تهجير» و«ممرات آمنة»، وكل ذلك لترمي باللوم على مصر وتُعزلها عربيًا ودوليًا ، والحقيقة غير ذلك مصر تسعى لحماية حدودها وسيادتها، ولمَ لا؟ الحفاظ على أمنها جزء لا يتجزأ من حماية القضية الفلسطينية ذاتها وليست خيانة لها .
إذا سمح التيار الحالي لأنفسهم بالنجاح، فلن تكون النتيجة مجرد نزوح مؤقت؛ بل تفكيك شامل لفلسطين من جذورها: غزة تُفرَّغ من سكانها، الضفة تُحوّل إلى مناطق نفوذ أو دويلات متنافرة، والقدس تُسلب دون مقاومة حقيقية والهدف أن يتحول الفلسطيني من مقاوم إلى لاجئ، ثم إلى حملٍ على العالم، ثم إلى مسألة منسية على الخريطة السياسية .
وذلك من أجل تحضير لتهجير واسع حصار وغارات على غزة لرفع مستوى اليأس لدى المدنيين بالإضافة إلي ترويج فكرة أن سيناء «حل بديل» وتهيئة غطاء قانوني وسياسي لعملية التوطين القسري وتشويه صورة مصر إعلاميًا لعرضها كطرف غير متعاون إنسانيًا واستغلال مواقف غربية وإقليمية لتمرير تغييرات ديموغرافية وجغرافية قسرية .
الواقع المؤلم هو أن الدعم الفعلي على الأرض محدود. هناك بيانات إدانة وشجب؛ لكن التحرك العملي والتحالف الحقيقي نادران. وهذا يترك مصر وحدها تواجه ضغوطًا سياسية وإعلامية قد تُكلِّفها كثيرًا. من يصمت اليوم ستقع عليه فاتورة الصمت غدًا ليس فقط على الفلسطينيين، بل على المنطقة بأسرها .
إذا استعرضنا التاريخ وبعض التحليلات، سنجد أفكارًا تدعو إلى تفتيت الدول العربية وتحويلها إلى دويلات صغيرة ضعيفة مفهوم يعيد نفسه في سياسات تهدف إلى الهيمنة الإقليمية. ما نراه اليوم ليس ظرفيًا بحتًا بل يأخذ شكل تنفيذ عنيف لتلك الرؤى .
إذا فتحت مصر باب سيناء للاجئين دون ضوابط واضحة فستحمل تبعات تغييرات ديموغرافية قد تؤدي إلى فقدان فلسطين كواقع سياسي. وإذا رفضت الاستقبال بشكل مطلق فستتعرض لحملة اتهامات بإنكار الإنسانية. في كلتا الحالتين، يبدو أن الهدف أن تخسر وهذا جزء من الاستراتيجية ذاتها .
يجب فضح هذه الرواية المضلِّلة بقوة ووضوح. ونشر الوعي وتحريك الرأي العام واجب؛ لأن السكوت اليوم هو إشتراك في الجريمة غدًا ودعم موقف مصر إذا كان يهدف فعلاً لحماية القضية الفلسطينية ليس خيانة للفلسطينيين، بل دفاع عن مستقبلهم وحقوقهم .
ما يجري ليس مجرد تصعيد عابر أو أزمة إنسانية مؤقتة إنما إنها محاولة ممنهجة لتفكيك القضية الفلسطينية وتحويل الفلسطيني إلى عنصر منسي على الخريطة. علينا أن نفهم اللعبة، ننشر الوعي، ونضغط على صانعي القرار كي لا تُترك مصر تقارع المصير وحدها. لأن من يصمت اليوم قد يكون هو الضحية التالية غدًا وقد تكون دولتُك، جارك، أو أنت بنفسك .
انشروا الوعي، واجعلوا الصوت الأعلى هو .. هذا السؤال : ما هي الخطة الحقيقية لحماية القضية الفلسطينية ولماذا يبقى الدعم الفعلي غائبًا ؟ .
والمحصلة هي أننا يجب أن نرفع شعار " لن نسكت " .