هي وهما
هي وهما

طفلك

مص الإبهام عند الأطفال.. عادة مهدئة أم سلوك يحتاج للتدخل؟

-

عادة مصّ الإبهام من العادات الشائعة بين الأطفال، وغالبًا ما تبدأ هذه العادة في مرحلة مبكرة جدًا، حتى قبل ولادتهم، حيث تم توثيقها من خلال صور الموجات فوق الصوتية، بحسب ما تشير إليه جمعية طب الأسنان الأمريكية، وتُعتبر هذه العادة طبيعية في المراحل الأولى من نمو الطفل، إذ أنها تمنحه شعورًا بالراحة والطمأنينة، خاصة خلال فترات التوتر أو قبل النوم.

ومع تقدم الطفل في العمر، يبدأ معظم الأطفال بالتخلي عن هذه العادة من تلقاء أنفسهم، وغالبًا ما يحدث ذلك ما بين سن الثانية والرابعة، إلا أن بعض الأطفال قد يستمرون في مصّ إبهامهم حتى بعد دخولهم المدرسة، وهو الأمر الذي قد يثير قلق الأهل. إذ يمكن أن تؤثر هذه العادة بشكل سلبي على النمو الطبيعي للفم والأسنان، كما قد تكون مؤشرًا على احتياجات نفسية لم يتم التعبير عنها بشكل واضح.

إذا لاحظتِ أن طفلك ما زال يصرّ على مصّ إبهامه بعد سن الرابعة، فليس من الضروري أن تشعري بالقلق أو التوتر، فهناك العديد من الطرق البسيطة والفعالة التي يمكن اتباعها لمساعدة الطفل على التخلّي عن هذا السلوك بشكل تدريجي، ودون اللجوء للعقاب أو الضغط النفسي، وفيما يلي خمس استراتيجيات تساعدك على دعم طفلك:

1. فتح حوار هادئ وصادق مع الطفل

غالبًا لا يكون الطفل مدركًا بأن عادة مصّ الإبهام قد تكون ضارة له على المدى الطويل، لا جسديًا ولا اجتماعيًا، لذلك من المفيد أن تبادري بحوار لطيف مع طفلك، خالٍ من التوبيخ أو السخرية.

اجلسي معه وتحدثي عن هذه العادة، أظهري له اهتمامك واستعدادك لدعمه عندما يكون جاهزًا للتغيير، اسأليه عن شعوره عندما يمصّ إصبعه، وفي أي مواقف يشعر بالحاجة لذلك. الفهم هو أولى خطوات العلاج.

2. الاستعانة بمواد تعليمية مناسبة لعمره

يمكن للمواد البصرية والمحتوى التفاعلي أن تلعب دورًا كبيرًا في زيادة وعي الطفل، استعيني بكتب مصوّرة أو أفلام رسوم متحركة تشرح بلغة بسيطة تأثير عادة مصّ الإبهام على شكل الفم والأسنان، عندما يرى الطفل تأثير هذه العادة على أطفال آخرين من خلال القصص، فقد يكون أكثر تقبلاً لفكرة التوقف عنها.

3. مراقبة السلوك وفهم أسبابه

من المهم مراقبة الأوقات التي يلجأ فيها الطفل إلى هذه العادة. هل يفعلها أثناء مشاهدة التلفاز؟ أم عند الشعور بالقلق أو التعب؟ أم عند الاستعداد للنوم؟ تحديد الأسباب المحفزة للسلوك سيساعدك على استبداله بسلوكيات بديلة مثل: احتضان لعبة محببة، أو الاستماع لقصة مهدئة، أو القيام بتمارين تنفس بسيطة، وكلها وسائل تساعد الطفل على تهدئة نفسه دون الحاجة إلى مصّ الإبهام.

4. التشجيع من خلال التعزيز الإيجابي

من أنجح وسائل التربية هي استخدام التشجيع بدلًا من التوبيخ، احتفلي بكل خطوة يخطوها الطفل نحو التوقف، حتى لو كانت بسيطة، يمكن استخدام جدول ملصقات لتحفيزه، أو منحه جوائز رمزية مثل قراءة قصة إضافية أو اختيار فيلم يفضله، هذا النوع من الدعم الإيجابي يُشعر الطفل بقيمته، ويعزز ثقته بنفسه، ويشجعه على مواصلة المحاولة.

5. وضع خطة تدريجية للتخلي عن العادة

لا تتوقعي من الطفل التوقف فجأة، فالتغيير يحتاج إلى وقت. حددي معه أوقاتًا معينة يُسمح له فيها بمصّ إصبعه، كأن يكون قبل النوم فقط، ثم قلّصي هذه الفترات تدريجيًا مع مرور الأيام، استخدام الضمادات القماشية أو قفازات النوم قد يكون مفيدًا كوسيلة تذكير ودعم.

مصّ الإبهام ليس علامة على "سلوك سيئ"، بل وسيلة بدائية يلجأ إليها الطفل ليهدئ نفسه في مواجهة مشاعر لا يستطيع التعبير عنها بالكلمات، ومع التفهّم والحوار الهادئ، واستخدام أدوات تربوية بسيطة، يمكن تحويل هذه العادة من مصدر قلق إلى مرحلة طبيعية وعابرة في نمو الطفل.

المفتاح الحقيقي للتغيير هو الصبر، التشجيع، وتوفير بيئة داعمة تحفّز الطفل على التخلي عن عادته دون أن يشعر بالذنب أو العجز.