أحمد كريمة: أول جهاز للمحاسبات كان في عهد علي بن أبي طالب

أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، أن الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، كان رمزًا للجود والكرم الحقيقي، والذي لا يُقاس بكثرة المال، بل بالإيثار على النفس، مستشهداً بآيات سورة الإنسان التي نزلت في حقه وحق آل بيته.
وأشار “كريمة”، خلال لقائه مع الإعلامي أشرف محمود، ببرنامج “الكنز”، المذاع على قناة “الحدث اليوم”، إلى أن الإمام علي بن أبي طالب لم يكن غنياً مُترفاً، بل كان يعمل بسقاية الناس بالدلو مقابل تمرات، ومع ذلك، لم يكن يُبقي في داره شيئاً من أجر تعبه اليومي، ليجسد بذلك المعنى القرآني: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.
ولفت إلى أن كرم الإمام علي وصل إلى حد عدم المجاملة في دين الله، وهو ما ظهر في مواقفه المتعلقة بالمال العامن أبرزها رد القطائع؛ ففي الفترة التي سبقت خلافته، كانت هناك "قَطائع" (أراضٍ وهبات) قد مُنحت لبعض الأفراد، والإمام علي رد هذه القطائع إلى بيت مال المسلمين العام، بدلاً من أن ينقلها إلى بني هاشم أو يستفيد منها المقربون، ليؤكد أن ملكية المال هي للأمة جمعاءن فضلًا عن محاسبة الولاة، وكان الإمام علي أول من طبق بصرامة ما يمكن تسميته بـ"أول جهاز مركزي للمحاسبات" في تاريخ الإسلام؛ لم تأخذه لومة لائم في محاسبة العمال والولاة، حتى من الذين وُلوّا قبل عهده.
وأوضح أن الإمام علي بن أبي طالب اتبع في التوزيع سياسة سيدنا أبي بكر الصديق، حيث ساوى في العطاء بين الناس، ولم يفضل أحداً على آخر بناءً على الأسبقية في الإسلام أو الهجرة، بخلاف ما حدث في فترة سيدنا عمر بن الخطاب التي اعتمدت التفاضل للمصلحة الشرعية.
وأشار إلى التناقض الملفت بين جود وكرم الإمام علي وزهده الشديد هو وأهل بيتهن قائلا: "هل تتخيلون أن السيدة فاطمة الزهراء والإمام الحسن والإمام الحسين كانوا يتعشون بتمر وربما بمسخ حليب، بينما في المدينة تتصاعد الأبخرة من القدور.. عاشوا في زهد وتقشف وورع"، موضحًا أن هذا الزهد يعد مثالاً على أن الجود الحقيقي يكمن في الإيثار والتسخير الشخصي للمال العام لخدمة المصلحة العامة، وليس في الاستغلال أو الترف.

