كبير الأثريين: الأهرامات ليست مكانًا للترفيه.. بل رمز مقدس للحضارة المصرية
أكد الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين السابق بوزارة الآثار، أن حفل فرقة “أنيما” الذي أُقيم عند سفح الأهرامات أثار تساؤلات مشروعة حول حدود استخدام المناطق الأثرية في الفعاليات الفنية، مشددًا على ضرورة الفصل بين الاستغلال الثقافي المحترم للمواقع الأثرية وبين الأنشطة الترفيهية غير الملائمة لقدسية المكان وقيمته التاريخية.
وقال شاكر، في تعقيبه على الجدل المثار خلال مشاركته في برنامج "هي وهما" الذي تقدمه الإعلامية أميرة عبي على قناة الحدث اليوم، إن “لكل مقامٍ مقال”، موضحًا أن منطقة الأهرامات ليست مكانًا ترفيهيًا بل موقع مقدس عالمي، يحمل في طياته رمزية حضارية فريدة، وينبغي التعامل معه بما يليق بعظمته ومكانته في وجدان المصريين والإنسانية جمعاء.
وأشار كبير الأثريين إلى أن مصر ليست ضد إقامة فعاليات ثقافية في المواقع الأثرية، بل ترحب بما يُعرف بـ“الاستغلال الثقافي للمكان”، شريطة أن يتم ذلك وفق ضوابط فنية وأخلاقية صارمة تراعي احترام الأثر وهويته الحضارية، لافتًا إلى أن الحفلات الراقية الهادئة مثل حفلات عمر خيرت بالأهرامات تُعد نموذجًا يحتذى في المزج بين الفن والحضارة دون مساس بقدسية المكان.
وضرب شاكر مثالًا بحفل ميشيل جار عام 2000 الذي عُرف بحفل الألفية، مؤكدًا أنه رغم ضخامته، التزمت الفعالية آنذاك بإجراءات دقيقة لحماية المنطقة الأثرية، موضحًا أن الجدل حول التوازن بين السياحة والثقافة قديم ومتكرر، لكن يبقى الأساس هو احترام قدسية الأثر باعتباره أحد عجائب الدنيا السبع.
وأضاف العالم الأثري أن الأهرامات ليست مجرد مبانٍ حجرية، بل كائن أثري حيّ له خصوصيته البيئية والجيولوجية، موضحًا أن الحجر الجيري الذي بُنيت منه الأهرامات جاء نتيجة ترسيبات بحرية قديمة، وأن منطقة الجيزة كانت في عصور سحيقة جزءًا من بيئة بحرية حتى جبل المقطم، مشيرًا إلى أن هذا التكوين الطبيعي يجعل الموقع شديد الحساسية تجاه الاهتزازات أو الإضاءة الشديدة أو المؤثرات الصوتية العالية.
وأكد شاكر أن المنطقة المحيطة بالأهرامات تحتوي على ما يقرب من عشرة آلاف مقبرة أثرية، كثير منها مغلق منذ آلاف السنين وتحوي نقوشًا وألوانًا دقيقة، ما يجعل من الضروري إبعاد الحفلات الصاخبة عن المنطقة الأثرية الأساسية حماية لهذه الكنوز الفريدة من أي تأثيرات ضارة.
وتساءل كبير الأثريين: “إذا كنا نملك نظام الصوت والضوء التاريخي بالأهرامات منذ عقود، ولم يتسبب في أضرار، فلماذا لا نستعين بخبراء الصوت والضوء لتقييم مثل هذه الحفلات؟”، داعيًا إلى تشكيل لجنة من المتخصصين في الصوت والإضاءة والآثار لتحديد ما إذا كانت هذه الأنشطة آمنة أم لا، قبل السماح بتنظيمها مستقبلاً.
وختم الدكتور مجدي شاكر تصريحه مؤكدًا أن مصر لا ترفض الفن، بل تحترم الفن الذي يحترم تاريخها، وأن حماية التراث المصري واجب وطني وأخلاقي، قائلاً: “استغلوا الأهرامات ثقافيًا.. لكن لا تقتربوا من قدسيتها”.
https://www.facebook.com/1Amira.Abeed/videos/737411445976832/