هي وهما
هي وهما

ناس TV

شعبان يوسف: صنع الله إبراهيم ظل وفيًا لمبادئه ومشروعه الفكري

-

قال الأديب والناقد والمؤرخ شعبان يوسف إن موقف الروائي الراحل صنع الله إبراهيم من الجوائز الأدبية لم يكن موقفًا عشوائيًا، بل جاء منسجمًا مع رؤيته الفكرية ومبادئه الراسخة، مؤكدًا أن الجدل الذي أثاره رفضه لجائزة الرواية العربية من المجلس الأعلى للثقافة عام 2003، والتي بلغت قيمتها وقتها 100 ألف جنيه، طغى على مناقشة القيمة الإبداعية لإسهاماته في الرواية العربية.

وأوضح يوسف، خلال لقائه في برنامج "العاشرة" مع الإعلامي محمد سعيد محفوظ على شاشة "إكسترا نيوز"، أن صنع الله إبراهيم لم يرفض الجوائز كليًا، بل قبل بعضها من داخل مصر وخارجها، بشرط ألا تكون مرتبطة بجهات سياسية أو أنظمة حكم، وهو ما يدل على اتساق تام بين قناعاته وسلوكياته.

الأدب يوحّد والسياسة تفرّق

وانتقد يوسف ظاهرة تصنيف الأدباء سياسيًا، معتبرًا أن ذلك يُفقد الإبداع جوهره، قائلًا: "الأدب بطبيعته يُجمع، أما السياسة فتُفرّق، وتصنيف الكاتب بأنه يساري أو يميني يُعد كارثة". وأوضح أن هذا التصنيف يخلق انقسامات داخل الوسط الثقافي، قد تؤدي إلى تكتلات تُقصي بعضها البعض، وهو ما يتناقض مع روح الإبداع الحر.

وشدد يوسف على ضرورة التعامل مع الأديب بوصفه منتجًا للمعرفة والجمال، لا باعتباره جزءًا من معسكر سياسي أو أيديولوجي، داعيًا إلى تحرير الساحة الثقافية من هذه التصنيفات الضيقة.

وأشار يوسف إلى أن صنع الله إبراهيم كان محسوبًا على التيار اليساري منذ بداياته، وهو ما أكسبه دعمًا واهتمامًا خاصًا، ليس فقط من داخل مصر، بل على امتداد العالم العربي. وأكد أن هذا الدعم لم يكن مجرد تأييد فكري، بل احتضان ثقافي ساعد في ترسيخ مكانته كأحد أبرز الأصوات الأدبية ذات الطابع الثوري والنقدي.

وكشف المؤرخ الأدبي أن صنع الله إبراهيم كان أول من أصدر رواية ضمن جيل الستينيات، ما منحه صدارة هذا الجيل الذي أحدث نقلة نوعية في الكتابة السردية. كما حظي باهتمام نقدي استثنائي، تجلى في تخصيص الناقد الكبير الراحل محمود أمين العالم كتابًا كاملاً عنه عام 1985، وهو أمر نادر الحدوث في النقد العربي، وحدث في خضم جدل نقدي واسع بين التيارات المصرية والمغربية.

واعتبر يوسف أن هذا الاهتمام يعكس مكانة صنع الله إبراهيم بوصفه أحد أعمدة الإبداع العربي في العقود الأخيرة، لما امتلكه من مشروع فكري وأدبي متكامل، ظل وفيًا له حتى رحيله.