خبير علاقات دولية: ”السور الحديدي” محاولة إسرائيلية لترسيخ الصراع وإظهارها كمدافع عن نفسها

أكد الدكتور محمد ربيع الديهي، الباحث في العلاقات الدولية، أن عملية "السور الحديدي" التي تشنها إسرائيل تأتي في إطار مساعٍ مستمرة لتدمير المنطقة العربية، وترسيخ حالة من عدم الاستقرار والصراع الممتد في الإقليم، كما تهدف إلى تصدير صورة زائفة عن كونها "مدافعًا عن حقوقها"، على الرغم من مخالفتها الواضحة لقواعد القانون الدولي.
وأوضح أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة اعتبرت أن العملية العسكرية الحالية تكرّس استمرار ضم الضفة الغربية، وهو ما يمثل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، مشيرًا إلى أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي عادة ما تتجاوز القوانين الدولية، سواء تلك المتعلقة بالقانون الدولي العام أو القانون الإنساني الدولي.
وشدد على أن العمليات العسكرية الجارية في غزة تهدف إلى إبقاء المنطقة في حالة توتر دائم، ومحاولة توحيد الصف الداخلي في إسرائيل في ظل ما تعانيه من انقسامات داخلية، وعنصرية، وتطرف، واتهامات فساد، تطال حتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، موضحًا أن إسرائيل تعتمد منذ نشأتها على إستراتيجية الصراع الدائم، وهو ما عبّر عنه قادة إسرائيليون سابقون، مثل أرئيل شارون، الذي كان يرى أن استمرار الصراع هو الضامن لوحدة الداخل الإسرائيلي، إذ أن الاستقرار سيفضح الانقسامات الداخلية.
وحول تأثير الخلافات الداخلية على العلاقات الدولية لإسرائيل، أوضح أن دولة الاحتلال نشأت في أجواء من الفوضى الدولية، ولم تُبنِ علاقاتها الخارجية على احترام القانون الدولي، بل على النفوذ الذي تمارسه من خلال اللوبيات اليهودية في مراكز صنع القرار بالدول الكبرى، مؤكدًا أن فكرة "المظلومية" التي لطالما روّجت لها إسرائيل أمام المجتمع الدولي فقدت الكثير من زخمها، خاصة في ظل انكشاف الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، سواء في الضفة أو غزة، وهو ما لعب فيه الإعلام العربي، وخاصة المصري، دورًا محوريًا، إلى جانب الجهود الرسمية من وزارة الخارجية وهيئة الاستعلامات، فضلًا عن الدور الشعبي والإعلامي على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتابع: "إسرائيل لا تُعير اهتمامًا كبيرًا لعلاقاتها بالدول التي تنتقدها، نظرًا لاعتمادها على أدوات ضغط سياسية واقتصادية، منها جماعات الضغط مثل "إيباك" في الولايات المتحدة، التي تُؤثر على صانع القرار الأميركي، وتضمن استمرار الدعم العسكري والسياسي"، موضحًا أن القوى الكبرى، رغم تلميحاتها أحيانًا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أو بفرض عقوبات، لا تزال تحتفظ بعلاقاتها مع إسرائيل، لعدة أسباب، من بينها الرغبة في إبقاء إسرائيل داخل المنطقة، دون عودة اليهود إلى الدول الأوروبية، وهو ما يفسر استمرار التعاون القائم رغم الانتقادات المعلنة.
وأكد على ضرورة تسليط الضوء على هذه المفارقات في العلاقات الدولية، مشيرًا إلى أن إسرائيل، رغم كل ما تُمارسه من سياسات عنيفة، لا تزال تجد دعمًا من قوى دولية لأسباب تتجاوز القوانين إلى مصالح وتحالفات متشابكة.