”معلومات الوزراء” يستعرض تقرير الوكالة الدولية للطاقة

استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة بعنوان "الاستثمار العالمي في الطاقة لعام 2025" والذي يبرز التحول العالمي المتسارع نحو الطاقة النظيفة، مع التراجع التدريجي في الاعتماد على الوقود الأحفوري، كما يشير إلى التحديات التي تواجه الدول النامية في جذب التمويل، والتفاوت الإقليمي في وتيرة التحول، بما يؤكد الحاجة إلى إصلاحات مؤسسية وتمويلية لضمان تحقيق أهداف الاستدامة في السنوات المقبلة، فضلاً عن الدور المهم للسياسات الحكومية وأمن الطاقة في توجيه الاستثمارات.
أوضح التقرير أنه رغم تصاعد التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي، إلا أنه من المتوقع أن تبلغ الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة 3.3 تريليون دولار العام الجاري، بزيادة قدرها 2% عن عام 2024، ومن المرجح أن يذهب نحو 2.2 تريليون دولار إلى قطاعات الطاقة المتجددة، والطاقة النووية، والشبكات، والتخزين، والوقود منخفض الانبعاثات، والكفاءة، والكهرباء، أي ضعف الاستثمارات المخصصة لقطاعات النفط والغاز والفحم.
أشار التقرير إلى أن "الصين، وأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية" قد عززوا هذه الاستثمارات لأسباب تتعلق بالأمن والطاقة والتكنولوجيا، وليس فقط بسياسات المناخ. كما تُسهم الطاقة الكهربائية بشكل متزايد في هذه التحولات؛ إذ يُتوقع أن تصل الاستثمارات في قطاع الكهرباء لـ 1.5 تريليون دولار، متفوقة بكثير على استثمارات الوقود الأحفوري.
ومن المتوقع أن يشهد الاستثمار في الطاقة الشمسية قفزة كبيرة ليصل إلى 450 مليار دولار العام الجاري، لتصبح البند الأكبر في الإنفاق الرأسمالي العالمي، مع تصدير الصين ألواحًا شمسية منخفضة التكلفة إلى دول نامية مثل باكستان، التي استوردت وحدها 19 جيجاوات في 2024.
كما يُتوقع أن يبلغ الاستثمار في البطاريات 66 مليار دولار. وسيُسجل قطاع الطاقة النووية انتعاشًا بارتفاع الاستثمارات بنسبة 50% خلال 5 سنوات، مع توجيه أكثر من 70 مليار دولار لمحطات جديدة وتجديد أخرى قديمة؛ لاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط.
وأفاد التقرير أنه في الوقت الذي وافقت فيه الصين والهند على بناء محطات فحم جديدة، لم تُسجل أي من الدول المتقدمة طلبات جديدة لهذا النوع من المحطات.
ومن جهة أخرى، تُظهر التوقعات تراجعًا بنسبة 6% في الاستثمارات الموجه لقطاع النفط في العام الجاري بسبب انخفاض الأسعار، وهو أول تراجع منذ أزمة جائحة "كوفيد-19". كما من المتوقع أن تنخفض استثمارات المصافي إلى أدنى مستوى لها خلال عقد.
ورغم التحديات، أكد التقرير على استمرار مشروعات الغاز الطبيعي المسال في التوسع، لاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية وقطر وكندا. وقد تضاعف القدرة التصديرية الأمريكية بفضل مشروعات قيد الإنشاء.
هذا، ويبلغ الاستثمار المتوقع في الوقود منخفض الانبعاثات نحو 30 مليار دولار فقط في العام الجاري، مما يعكس اعتمادًا كبيرًا على السياسات، في ظل تأجيل أو إلغاء بعض مشروعات الهيدروجين. أما استثمارات الفحم فتواصل ارتفاعها بنسبة 4%، مدفوعة بزيادة الطلب المحلي في الصين والهند.
وأكد التقرير أنه من المتوقع ارتفاع الاستثمارات في كفاءة الاستخدام والكهرباء النهائية لتبلغ 800 مليار دولار، مدفوعةً بمبيعات السيارات الكهربائية وتحديث المباني، وقد انخفضت أسعار بعض تقنيات الطاقة النظيفة بشدة، في حين تضاعفت أسعار معدات الشبكات بسبب الطلب المتزايد.
وفي المقابل، يتجه الاستثمار في قطاع النفط والغاز للارتفاع بنسبة 3% نتيجة ارتفاع تكاليف المشروعات بسبب الرسوم الجمركية، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية. ورغم تزايد المخاوف من التركّز الكبير في إمدادات المعادن الحيوية، فإن استثمارات هذا القطاع تباطأت بسبب انخفاض الأسعار، لاسيما خارج الدول الكبرى المنتجة.
وفي سياق متصل، ازدادت الاستثمارات الصينية في الطاقة النظيفة والتكنولوجيا في الخارج، بما يشمل السيارات الكهربائية والبطاريات، بينما تعثرت الاستثمارات في دول، مثل روسيا، ولا تزال الاستثمارات في أفريقيا منخفضة، وتعادل خدمتها للديون نحو 85% من استثمارات الطاقة فيها، مع حصولها على 2% فقط من استثمارات الطاقة النظيفة عالميًّا رغم أنها تضم 20% من السكان.
أوضح التقرير أن دول مثل: "الهند والبرازيل" تسعى للاستفادة من انخفاض تكاليف الطاقة الشمسية، بينما تبقى جنوب شرق آسيا متأخرة، رغم احتلالها المركز الثاني بعد الصين في تصنيع الألواح الشمسية.
وأكد التقرير على أهمية التمويل الدولي لسد فجوة التمويل؛ خاصة وأن التمويل العام لا يغطي سوى 7% من استثمارات الطاقة النظيفة في الدول النامية (عدا الصين). وقد ازدادت أهمية وكالات ائتمان التصدير في تمويل المشروعات، كما تراجعت وتيرة الاستثمارات المستدامة مع ضعف الدعم السياسي.
بالإضافة إلى ذلك، تشهد الاستثمارات في البحث والتطوير تحولات عدة؛ حيث تراجع رأس المال المغامر في مجال الطاقة، وارتفع في مشاريع الذكاء الاصطناعي، التي بلغت استثماراتها 84 مليار دولار في عام 2024. وتغيّر ترتيب الشركات العشرين الأولى في الإنفاق على البحث والتطوير، مع دخول شركات البطاريات والسيارات الكهربائية وتراجع شركات النفط.
لكن هذه الاستثمارات لا تزال غير كافية لتحقيق أهداف مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28)؛ حيث يجب مضاعفة استثمارات الطاقة المتجددة، بمقدار ثلاثة أضعاف خلال خمس سنوات.
وأوصى التقرير في ختامه بضرورة تركيز الجهود الدولية على زيادة التمويل العام والخاص الموجه إلى الطاقة النظيفة في الدول النامية، مع تعزيز الأطر المؤسسية والحوكمة لضمان فعالية الاستثمارات، ويشدد على أن تحقيق الأهداف المناخية والإنمائية يتطلب إصلاحات عاجلة في سياسات التمويل العالمية لضمان انتقال عادل وشامل في قطاع الطاقة.