هي وهما
هي وهما

خارجي وداخلي

أسرار الغرف المغلقة.. واشنطن حولت أسلحة من أوكرانيا إلى إسرائيل تمهيدًا لحرب مع طهران

-

على منصة منتدى استثماري في المملكة العربية السعودية، منذ نحو شهرتقريبًا، وقف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، موجهًا تحذيرات حادة لإيران قائلًا: «لن نسمح بأن تُهدد أمريكا وحلفاؤها بالإرهاب أو بهجوم نووي، الوقت الآن لا نملك وقتًا للاستمرار، الأمور تتسارع»، بهذه المقدمة، بدأت وكالة «رويترز»، البريطانية مقالها المعنون بـ «كيف احتضن ترامب الذي يصف نفسه بأنه صانع سلام، حرب إسرائيل ضد إيران»، في إشارة إلى كشفها معلومات جديدة حول التخطيط الأمريكي لشن حرب على إيران.

وبالرغم من تجاهل الإعلام لهذه التصريحات في حينها، إلا أن وراء الكواليس كانت الاستعدادات جارية بهدوء لهجوم محتمل على إيران، وفقًا لـ«رويترز».

وكشفت وكالة الأنباء البريطانية لأول مرة عن معلومات جديدة، تقول إنه بحلول منتصف شهر مايو الماضي، بدأ البنتاجون إعداد خطط مفصلة لدعم إسرائيل في حال قررت استهداف البرنامج النووي الإيراني، كما تم تحويل آلاف من الأسلحة الدفاعية من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، تحسبًا لتصعيد الحرب بين الطرفين، وفق مصادر غربية وأوكرانية، نقلت عنها «رويترز»، حيث أنها وصفتها بأنها مطلعة على الأمر.

وأشارت الوكالة إلى أن «البنتاجون» رفض التعليق على هذه القصة.

ويستند هذا التقرير للوكالة عن الأسابيع والأيام التي سبقت قرار «ترامب» بدعم الحملة الجوية الإسرائيلية إلى مقابلات مع أكثر من اثني عشر مسؤولًا في الإدارة ودبلوماسيين أجانب ومساعدين لترامب، تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المداولات الخاصة، بحسب ما أكدت «رويترز».

وأوضحت إن الصورة التي تظهر الآن هي صورة لعملية تحضير طويلة وسرية، ورئيس وجد نفسه لعدة أسابيع ممزقً بين الدبلوماسية ودعم العمل العسكري، وفي نهاية المطاف اقتنع جزئيًا بحليف لم يكن يسيطر بشكل كامل على أفعاله.

وأشارت أنه رغم دعوته المتكررة لـ«السلام»، عبر إرسال مبعوثه للشرق الأوسط أكثر من مرة، كان محاطًا بحلفاء من التيار المحافظ المتشدد، مثل تاكر كارلسون، مارك ليفين، وليندسي جراهام، الذين رأوا أن إيران النووية تهديد وجودي ينبغي مواجهته عسكريًا.

وقد أظهرت المخابرات الأمريكية معلومات تفيد أن إسرائيل قد تنفذ الهجوم حتى بدون دعم أمريكي، مما جعل قرار ترامب بعدم الاعتراض واضحًا مؤديًا بنحو غير مباشر إلى شرعنة العملية.

وبعد سبعة أيام من الصراع الإسرائيلي الإيراني، أصبح ترامب في مأزق، كما يقول، الدبلوماسي المخضرم، آرون ديفيد ميلر الذي قدم المشورة لستة وزراء خارجية بشأن سياسة الشرق الأوسط، وفقًا لـ«رويترز».

وفقًا للخبير الأمريكي، آرون ديفيد ميلر، فإن ترامب وجد نفسه أمام خيارات عسيرة بعد أسبوع من التصعيد، أولها، محاولة إيجاد دبلوماسية جديدة مع إيران، أو السماح باندلاع حرب كاملة بين إسرائيل وإيران، أو انخراط أمريكا بشكل مباشر في الصراع بضرب منشأة «فوردو» النووية الإيرانية.

وقال «ميلر»: «إن ترامب ترك الهجوم يحدث، وركب النمر، وهو الآن مضطر للبقاء عليه».

وأوضح البيت الأبيض، الخميس، إن ترامب سيتخذ قرارًا بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل في الصراع خلال الأسبوعين المقبلين.

وذكرت «روتيرز»، أن البيت الأبيض، ولا مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولا الوفد الإيراني لدى الأمم المتحدة، لم يستجيبا لطلب التعليق، ولطالما أكدت طهران أن برنامجها النووي مُصمم للأغراض السلمية فقط، وهو ما رفضته واشنطن.

وأوضحت «رويترز» في تقريرها إلى أن أول دعوة للحرب كانت في منتصف أبريل الماضي، حيث كانت القيادة المركزية الأمريكية والإسرائيلية في هذه الفترة تتبادلان المعلومات الاستخباراتية حول قدرات إيران الصاروخية والنووية، وبدأت، في مايو، تحويل دفعة كبيرة من صواريخ الدفاع الجوي من أوكرانيا إلى إسرائيل، ما أثار قلقًا في كييف.

وأكدت وكالة الأنباء«رويترز»، أن في هذه الأثناء، كانت الولايات المتحدة تمرر أسلحة إلى إسرائيل تستخدم في حرب جوية مع إيران، وفي إحدى الحالات، في أوائل مايو، حوِّلت شحنة كبيرة من الصواريخ الدفاعية، كانت مخصصة أصلًا لأوكرانيا، إلى إسرائيل، وفقًا لمصدر غربي ومصدر أوكراني.

وقال المصدر الأوكراني إن الشحنة المحولة تسببت في حالة من الذعر في كييف وأثارت مخاوف مستمرة من أن الأسلحة الإضافية اللازمة للدفاع ضد موسكو سيتم استخدامها بدلا من ذلك للدفاع عن المصالح الأمريكية في أماكن أخرى.

خلال فترة رئاسته الأولى، كرر «ترامب»- بحسب رويترز- رغبته في السلام ولكنه لم يستبعد الخيار العسكري تمامًا، لا سيما بعد عملية اغتيال قاسم سليماني في 2020. وكان ذلك إشارة واضحة إلى استعداد امريكا لاستخدام القوة.

على الجانب الآخر، كان أنصار ترامب من التيار المحافظ يطالبونه بالتهدئة وإنهاء الصراعات، بينما متشددوه يضغطون لشن ضربات لمنع إيران نوويًا، حيث جاءت ترامب في حفل التنصيب لا تزال تحفل بشعار السلام «أكثر ما أفتخر به هو أنني صانع سلام».

وقال تاكر كارلسون ــ ومسؤولو الإدارة أن حركة ترامب «جعل أمريكا عظيمة» مرة أخرى، بمثابة ترياق لعقود من الحروب الخارجية التي كلفت آلاف الأرواح الأمريكية دون أن تؤدي إلى تقدم كبير في المصالح واشنطن.

ومن ناحية أخرى، كان العديد من حلفاء ترامب المقربين ــ من المعلق المحافظ مارك ليفين إلى السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام ــ يصورون إيران النووية باعتبارها تهديدًا وجوديًا يجب إزالته بأي ثمن، في حين كان ترامب نفسه فخورًا بنفسه ليكونه وسيطًا للسلام، حيث قال خلال خطاب تنصيبه «إن إرثي الذي أفتخر به هو أنني سأصبح صانع سلام.

لم تكن لحظة واحدة سببت قرار ترامب، بل تراكم عوامل: فشل الدبلوماسية، الضغط الداخلي، معرفته بأن إسرائيل قد تنفذ الهجوم حتى بدون دعمه.

وفي 9 يونيو، جرت مكالمة بين ترامب ورئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، لم تُظهر معارضة أمريكية، وبعد يومين أعلنت واشنطن بدء عمليات الإجلاء من سفارتها في العراق، تمهيدًا لأي رد إيراني محتمل، وفي 12 يونيو أبلغت حلفاءها بتحضيرات إسرائيل للهجوم.

وخلال ليلة 12–13 يونيو، شنت إسرائيل غارات أصابت منشآت نووية إيرانية، وأدت إلى مقتل عدد من المقربين من المرشد الأعلى خامنئي، وتدمير أجزاء من المنشآت.

وتابع ترامب هذه الأحداث مباشرة من «غرفة كينيدي» بالبيت الأبيض، وخوطط للحضور بتناول «سلطعون حجري» أثناء المشاهدة، وويشار إلى أن العملية شملت محاولات لاغتيال المرشد الإيراني، على خامنئي، لكن ترامب أوقفها.

قالت «رويترز» إنه رغم أن الاستخبارات الأمريكية ترى أن الضربة أرجأت البرنامج النووي الإيراني “عدة أشهر” فقط، فإن الضربة الحاسمة تحتاج استهداف منشآت تحت الأرض كالـ«فوردو»، وهو خيار قد تقوده الولايات المتحدة بمعزل عن إسرائيل.

ولا يزال قرار ترامب النهائي بشأن دخول أمريكا على خط في الحرب مع إسرائيل ضد إيران، غير محسوم حتى الآن.